Featuredأخبار بيئيةمقالات

السلطنة والتغيرات المناخية – بقلم: الدكتور/ داود بن سليمان البلوشي

شهدت السلطنة خلال الفترات الماضية تغيرات مناخية كبيرة أدت إلى وجود أعاصير مدارية متكررة ومنخفضات جوية ماطرة، أثرت على معظم محافظات السلطنة،

وأدت إلى خسائر بشرية ومادية واقتصادية واجتماعية كبيرة، وحيث أن السلطنة مطلة على بحر العرب والمحيط الهندي فإنها عرضة لحدوث مثل هذه الأعاصير والمنخفضات الجوية التي تتكون عادة في فترة الصيف خلال أشهر يونيو ويوليو وكذلك أيضا خلال فترة دخول الشتاء في أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر .

ولعل أهم هذه الأعاصير التي ضربت السلطنة هو إعصار جونو في 2007م، وإعصار فيت في 2010م، وإعصاري نانوك ونيلوفر في 2014م، وأعاصير اشوبا وتشابلا وميج ومكونو في 2015م، وإعصار لبان في 2018م، وأعاصير فايو وهيكا وكبار ومها في 2019م، وأخرها إعصار شاهين في 2021م .

إن ما تشهده دول العالم اليوم من تغيرات مناخية متسارعة نتيجة زيادة حدة التلوث الهوائي الناتج من المصانع والمنشآت الصناعية الكبيرة البتروكيماوية والنووية التي أدت إلى زيادة الغازات االضارة كثاني أكسيد الكربون وأكسيد الكبريت والميثان، وزيادة المخلفات الصناعية، والتلوث البحري من خلال السفن العملاقة الكبيرة، وزيادة انبعاث أول أكسيد الكربون من مختلف وسائل النقل، ومخلفات الكسارات والمحاجر، واقتلاع وحرق الغابات والأشجار، كل ذلك أدى إلى وجود تغيرات مناخية سريعة أثرت على كوكب الأرض منها تشكل الأعاصير المدارية والمنخفضات الجوية، وحدوث حرائق مستمرة للغابات، وانقراض الكثير من الحيوانات البرية النادرة، وحدوث الزلازل والبراكين المفاجأة، وذوبان الثلوج من القطبين المتجمدين، وزيادة رقعة التصحر، والتلوث المائي، وتلوث التربة، وانتشار الكثير من الأمراض والأوبئة المزمنة الخطيرة التي تفتك يوميا بألاف من البشر .

وأكدت دراسة علمية بيئية نشرتها ” الوشق ” في عددها التاسع والستين بأنه سيكون مناخ السلطنة في المستقبل مختلفاً إلى حد كبير عن مناخها التاريخي، فبحلول منتصف القرن الحادي والعشرين، ستشهد المعدلات السنوية لدرجات الحرارة العظمى إجمالاً ارتفاعاً كبيراً بغض النظر عن المسار المناخي المستقبلي المستخدم، وفي أفضل الحالات (المسار RCP 2.6)، من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة العظمى بمقدار 2 درجة مئوية على الأقل على طول المناطق الساحلية الجنوبية .

أما بالنسبة للتغيرات المستقبلية في متوسط هطول الأمطار فأشارت الدراسة إلى أنه وبحلول أواخر القرن الحادي والعشرين، سيكون متوسط هطول الأمطار السنوي قد يتغير بشكل كبير في جميع أنحاء السلطنة، وفي ظل أفضل السيناريوهات (المسار RCP 2.6)، من المتوقع أن ينخفض متوسط هطول الأمطار السنوي بمعدل يصل إلى 10 ملم في السنة في المناطق الداخلية جنوب جبال الحجر، بينما يظل متوسط هطول الأمطار السنوي كما كان في منتصف القرن الحادي والعشرين أو بزيادة طفيفة في منطقة جبال الحجر .

ونتيجة لهذه الدراسات العلمية التي تؤكد تأثر السلطنة بالتغييرات المناخية العالمية، فأنه يجب عليها وضع خطط حديثة مستقبلية لمجابهة هذه التغيرات بما يتواكب والتطورات التكنولوجية الحديثة، كذلك يجب عليها وضع سيناريوهات مستقبلية لمجابهة الكوارث الطبيعية كالأعاصير والمنخفضات الجوية والزلازل البحرية التسونامي والتلوث بمختلف أشكاله وأنواعه وانقراض الحيوانات البرية والأشجار المعمرة ومكافحة ظاهرة التصحر، بحيث تكون لديها خطط طوارئ جاهزة معدة مسبقا بتشارك جميع الجهات لتفادي الكثير من الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية والاجتماعية، وتكون السلطنة بذلك مستعدة لمجابهة أي كوارث طبيعية وتغيرات مناخية مفاجئة .

زر الذهاب إلى الأعلى