أذربيجان

الإبادة الجماعية في مارس حقيقة لا يمكن إنكارها

لقد حلت مآسي كثيرة بحق الاتراك في اراضيهم التي كانوا يسكنونها في سبيل استيطان الأرمن وانشاء ما يسمى بأرمينيا حاليا، هكذا يتحدث المؤرخون الأرمن عن تاريخ انشاء أرمينيا وعن هذه المآسي.

كل عام ، يتم الاحتفال بيوم 31 مارس يوم الإبادة الجماعية للأتراك الأذربيجانيين.  مما لا شك فيه أن الإبادة الجماعية ضد الأتراك الأذربيجانيين لم تحدث فقط في 31 مارس، لكن في ذلك اليوم ، كانت الإبادة الجماعية للأتراك الأذربيجانيين أكثر شدة وشمولية.

انها وسمة سوداء في تاريخ البشرية، فقد أصبح السعي لتحقيق العدالة مهمة صعبة حتى في عالم يتجه للديمقراطية.  إذا كان للعالم أعين وقلب ، فلماذا إذن يرتكب كل هذا العدد من الفظائع ضد الأذربيجانيين دون مبالاة ؟!

ارتكب الأرمن مذابح مروعة في باكو عام 1905.  لقد أرادوا إنشاء أرمينيا الأرمينية من خلال تدمير وابادة جميع الأتراك في القوقاز ، بما في ذلك أتراك تفليس وبورتشالي وأخالكالاكي.  تم تنفيذ الإبادة الجماعية للأذربيجانيين بطريقة أكثر فظاعة في الفترة من 17 إلى 21 مارس عام 1918 (30 مارس – 1 أبريل)، لقد تم ارتكاب مآسي دموية ليس فقط في باكو وغانجا وغوبا وشماخي ولانكران وغوي تشاي ، ولكن أيضًا في مدن جنوب أذربيجان مثل خوي وأرمية وسلماس.

وفقًا للمؤلفين الأرمن، كان هناك 1301 قرية في مقاطعة يرفان في بداية القرن العشرين، 959 منها يسكنها الأذربيجانيون.  لم يكتف الارمن بعمليات الإبادة الجماعية التي استمرت عقودًا، بل امتدت اطماعهم الى زنجيلان وكالبجار وخانكندي، تاركين مساحات كبيرة خالية من الاتراك. أليست مأساة خوجالي أعظم إبادة جماعية بحق الأتراك؟  نحتاج أن نشعر بألم هذه المآسي العظيمة ، وأن نشعر بها ، ونفكر فيها ، حتى لا تُداس أراضينا وتنتهك، لا ينبغي لأحد أن يتجاهل ويتناسى هذه المصائب والمآسي كما يفعل البعض في بعض الأحيان “.

على الرغم من وجود آراء مختلفة حول أسباب مذابح مارس في باكو عام 1918 ،الا ان الهدف الرئيسي كان ابادة الأذربيجانيين ووضع حد لوجود الاتراك على وجه الخصوص.  ووصف السيد كولج عضو اللجنة التي شكلتها الحكومة الروسية للتحقيق في الأحداث وهو مسيحي الديانة، في تقريره بأن ما حدث للأتراك  شيء مروع والمشاهد مرعبة وتقشعر منها الابدان “دخل الأرمن الأحياء التي يسكنها المسلمون ، وقتلوا الناس بوحشية ، وقطعوا أوصالهم بالسيوف، وحفروهم بالحراب، وأشعلوا النيران في المنازل، وأحرقوا الأطفال أحياء. حتى أنهم وضعوا الأطفال الرضع في عمر 3-4 أيام على الحراب. وكانت الشوارع مليئة بجثث الأتراك الأذربيجانيين “،

وذكر ايضا “كانت هناك جثث بدون آذان وبدون أنف، وجثث بطونها ممزقة، ومن لم يقتلوهم من النساء قام الارمن بربط شعورهم ببعض  وسحلهم وضربهم بأعقاب البنادق وهم عراة. لم يرحموا احدا ولم يسلم منهم أحد، فمثلا قام الارمن بقتل والدة الحاج امير عليزادة البالغة ٨٠ عاما ونساء اخريات اعمارهم بين ٦٠ و ٧٠ عاما وقاموا بتثبيت وتعليق فتاة عروس على حائط المنزل، الذي ارتكب هذه الجرائم لا يمكن ان يكون انسان، هذه الوحشية من فعل اشخاص معدومين الرحمة”. وقد قام كولج بتوثيق المجازر بصور كثيرة من بينها صور لجثث أطفال على الحائط والكلاب تنهشها.

استمرت المذبحة طوال ثلاث ايام راح ضحيتها خمسة عشر الف اذربيجاني بصورة وحشية، واشعلوا النيران في مطابع كاسبي وآجك سوز ومبنى اسماعيلي الشهير، ودمروا اكبر مسجد في باكو وهو مسجد الجمعة.

في شاماخي لم يتبق حجارة في الأحياء التي يسكنها الأذربيجانيون الأتراك، نتيجة للمأساة التي ارتكبها الأرمن في مارس 1918 ، قُتل آلاف الأتراك الأذربيجانيين في شاماخي ، التي يزيد عدد سكانها عن أربعين ألفًا ، ودُمرت جميع المباني.  قُتل معظم الذين فروا من المدينة ليلاً، وأغلب الذين تمكنوا من الفرار قتلهم الجوع والبرد القارس.

وفي نفس الوقت أيضا وعلى نفس المنوال، ارتكب الأرمن إبادة جماعية ضد الأتراك في مدن جنوب أذربيجان أورمية وخوي وتبريز وسلماس.  وقتل في ذلك الوقت 1500 تركي في ليلة واحدة في أورمية التي يبلغ عدد سكانها 150 ألف نسمة،  وبحلول الوقت الذي وصل فيه الجيش العثماني إلى أورمية ، كان عدد الأتراك القتلى قد تجاوز العشرة آلاف،  وقد جلب الأرمن زوجاتهم معهم لنهب منازل الأتراك.

بعد إنشاء جمهورية أرمينيا في 28 مايو 1918 ، كان أندرونيك يستعد لمهاجمة مدينة خوي بـ خمسة الاف أرمني مسلح، وفي الوقت نفسه ، انتشرت اخبار في مدينة خوي أن الأرمن في أرزينجان وطرابزون يطبخون ويأكلون لحوم الأتراك ويغتصبون نساءهم، فأظهر سكان خوي البطولة على الرغم من حصار المدينة. وتشجع الأهالي اكثر على سماع نبأ وصول الجيش العثماني، وأُجبر أندرونيك على التراجع، وكان هذا الانتصار ضربة قاصمة للخطة العسكرية الأرمينية في أورمية.

وأكدت البروفيسور هجران حسينوفا، رئيس اللجنة البرلمانية للأسرة والمرأة والطفل، إن الشعب الأذربيجاني يتعرض لسياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية من قبل القوميين الأرمن على مدى المئتين عام الماضية، وأضافت “لقد طرد الشعب الأذربيجاني من أرضه التاريخية وأصبحوا لاجئين ومشردين داخليا ، وكل ذلك رافقه مذابح للأرمن. ونتيجة لسياسة الإبادة الجماعية والترحيل والتطهير العرقي التي انتهجها الأرمن في القرن العشرين وحده فقد فقدت أذربيجان 29800 كيلومتر مربع بين عامي 1929-1918 ، وتم احتلال 20 في المئة من أراضينا في 1993-1991.  وبالإجمالي فانه 2.5 مليون أذربيجاني هم ضحايا الإبادة الجماعية والترحيل”.

قالت هجران حسينوفا إنه تم جمع العديد من الحقائق والوثائق الجديدة في السنوات الأخيرة بسبب البحث في هذا المجال: “المقبرة الجماعية التي تم العثور عليها في قوبا هي واحدة من الأحداث الدموية لهذه المأساة. في أبريل ومايو 1918 ، تم تدمير 167 قرية بالكامل في منطقة قوبا وحدها، وتم اكتشاف مقبرة قوبا للإبادة الجماعية في 1 أبريل 2007 أثناء أعمال التنقيب في المنطقة، وفي عام 2009 ، وافق مجلس الوزراء على “خطة عمل لإدامة ذكرى ضحايا المذبحة في منطقة قوبا” ، ومنها إقامة مجمع ومزار تذكاري ضخم للضحايا.

ونتيجة لاستمرار البحث والتحقيق ، تأكدوا أن المقبرة مرتبطة بالإبادة الجماعية التي ارتكبها الأرمن ضد السكان المدنيين المحليين في عام 1918. حيث تم العثور على بقايا أكثر من 400 جثة من مختلف الأعمار في المقبرة. من بين هؤلاء أكثر من 50 من الأطفال وأكثر من 100 من النساء والباقي من الرجال الأكبر سنًا، وأيضا ثبت أنه تم قتل ودفن ممثلي الليزجي واليهود والتات وغيرهم من الجماعات العرقية المختلفة التي تعيش في قوبا بجانب الاذربيجانيين.

هكذا يتحدث المؤرخون الأرمن عن المآسي التي حلت بأبنائنا في الأراضي التركية التي كان يسكنها الأرمن والتي تسمى الآن أرمينيا. وهكذا يصفون افعالهم فقد كتب المؤرخ الأرمني أ. لالايان: “أظهرت ميليشيا الدشناق أقصى قدر من الشجاعة أمام النساء والأطفال الأتراك وكبار السن والمرضى، وقاموا الدشناق بتطهير القرى التركية من الاحياء وحولوها انقاض مليئة بالقتلى والضحايا المشوهين”.

ويقول المرتزق من الداشناق فاهرام  Dashnak Vahram عن “شجاعته”: “لقد ذبحت السكان الأتراك في باساركيتشار “Basarkechar” دون أخذ أي شيء بعين الاعتبار، ولكن أحيانًا كنت أشعر بالأسف على الرصاص، ووجدت أنه أفضل طريقة للتعامل مع هذه الكلاب هي اخذ جميع الناجين والمصابين منهم ووضعهم في حفرة  ودفنهم بوضع حجارة ثقيلة عليهم “وهذا الذي فعلت: ملأت كل الرجال والنساء والأطفال في بئر ماء وأنزلت عليهم الحجارة الثقيلة”.

اعتراف آخر للالايان: “قتلت حكومة الدشناق في أرمينيا خلال حكمها الذي دام 30 شهرًا (مايو 1918 – نوفمبر 1920) 60 بالمائة من السكان الأذربيجانيين”.  من ديسمبر 1917 إلى أغسطس 1918 ، قُتل 625 شخصًا في 15 قرية في منطقة سيسيان وحدها.  عدد مواطنينا الذين تعرضوا للسرقة والنهب في مناطق بايزيد واشميادزين ويريفان وغادروا وطنهم حوالي مئتين الف.  ودمرت 115 قرية مسلمة في منطقة زنكازور وقتل فيها 3257 رجلا و 2276 امرأة و 2196 طفلا كانوا يعيشون في تلك القرى. وبحلول مارس 1918 ، تم تدمير 199 قرية في مقاطعة يرافان ، وقتل بحدود 135 ألف شخص، وتمكن البعض الآخر من الفرار من الأهوال الوحشية.  خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 1919 ، تم تدمير 96 قرية في مقاطعتي إشميادزين وسورمالي وجميع القرى في منطقة يرافان.

في الختام ان الإبادة الجماعية هي جريمة يرتكبها الناس ضد الإنسانية ، وهي اجتثاث جماعة عرقية معينة ، وقبيلة وعشيرة ، وشعب ، اما بطردهم من مكان إقامتهم او القضاء عليهم وقتلهم.

عضو الاتحاد العام لدعم الصحفيين في الشتات عادل عادل زاده

ترجمة بديع هاشم العوضي

زر الذهاب إلى الأعلى